مقدمة :-

إن العالم اليوم يعني بالأطفال وبخاصة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة منهجه في ذلك منهجاً إسلامياً فنراه منادياً بضرورة العناية بهم ولهم الحق في العيش حياة كريمة ودمجهم في المجتمع وقد صدر القرار ( 94 – 142 ) في الولايات المتحدة بشأن توفير التعليم المناسب لكل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في بيئة غير مقيدة قدر الإمكان مما دفع المناطق التعليمية المختلفة إلي اتخاذ أساليب جديدة في تقديم الخدمات لهذه الفئات (1) .

ولقد جاء إعلان منظمة الأمم المتحدة في سنة 1969 لحق الطفل المعاق فيما يلي :-

تعريف تمييزي :-

الجمعية العامة ( يجب أن يلقي الطفل المحروم جسدياً أو ذهنياً أو اجتماعياً العلاج والتربية وأنوع العناية الخاصة التي تفرضها حالته أو وضعيته علي أن يتسني تنفيذ هذه الحقوق فعلياً في كل البلدان ) ولكن لم تقم الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا بعد ست سنوات أي في التاسع من ديسمبر سنة 1975 بإصدار ( إعلان حقوق الأشخاص المعاقين ) .

وقد نص الإعلان من ضمن نصوصه علي :

( للمعاق الحق في أن يعيش بين أسرته أو في مأوي ومعوض في المشاركة في كل نشاط اجتماعي مفيد ترفيهي ولا يمكن إكراه أحد المعاقين علي معاملة متميزة لا تتطلبها حالته . هذا هو الغرب الذي يحاول أن يعطي صورة متحضرة عن التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة .

ومنذ أربعة عشر قرناً جاء الإسلام بصورة أكثر تحضراً لمعاملة الأبناء داخل الأسرة وركز علي الأسرة قبل المجتمع والدولة لأنها هي البيئة الطبيعية وهي نواة المجتمع وهي أساس الدولة وكان أكثر تركيزاً علي ذوي الاحتياجات الخاصة من العجائز والشيوخ وكبار السن والمرضي ولقد نزل القرآن الكريم من فوق سبع سماوات يعاتب فيه رب العزة الرسول r عندما جاءه الأعمي وهو عبد الله ابن أم مكتوم وكان الرسول r مشغول مع قوم من سادة قريش يدعوهم إلي الإسلام فلم يرد علي سؤال الأعمي وقال له ( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى) .

ويقول عمر بن الخطاب t وأرضاه ( لو أن بغلة عثرت في العراق لسئل عنها عمر لما لم تمهد لها الطريق ) . هكذا يكون سؤال الله للحاكم حتى عن البهائم والأنعام فما بالك بالإنسان حيث يقول رب العزة في محكم كتابه (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) هذا التكريم وهذه الخصوصية التي تجعل الحاكم مسئولاً عن كل أفراد المجتمع . ونجد أحد الصحابة عندما سئل عن أحب أبناءه إليه قال صغيرهم حتى يكبر وغائبهم حتى يعود ومريضهم حتى يشفي . ولقد منح الإسلام العديد من التسهيلات إلي المرضي واعطائهم رخص في إفطار رمضان رخصاً وأداء الصلاة وهم علي الفراش وقال رب العزة في محكم كتابه (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ) وقد جاء الإسلام بنظام التكافل وهو نظام اجتماعي يعمل علي أن يساعد الغني المحتاج ويتكفل بكل احتياجاته وقال الرسول r ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمي ) ومن هذا المنطلق والمبدأ الاجتماعي إلهام والذي يركز علي أهمية تماسك المجتمع وتلاحمه في الشدائد والمحن . ومن هنا يأتي التجمع والاتحاد داخل المجتمع فإذا وجد المسلم في الشدائد يقف بجانبه الأخوة من المسلمين فهذا يساعد علي المحبة والتقارب ويؤدي إلي تماسك المجتمع.

ثواب تربية الأبناء في الإسلام :-

يقول رب العزة في محكم كتابه (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) .

ويقول الرسول الكريم r ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية , أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم .

إن المدقق في هذا الحديث الشريف يلحظ أول ما يلحظ أن الأعمال الثلاثة التي تنفع الإنسان بعد موته إنما هي ثمرات يجنيها المسلم وليس هناك أعظم من تربيته لأبنائه علي التقوي والصلاح .

وفي الحديث الشريف ( إن الله سائل كل راع عما استرعاه , أحفظ أم ضيع . حتي يسال الرجل عن أهل بيته ) ويؤكد الإمام ابن القيم هذه المسئولية بقوله ( إن الله سبحانه يسال الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده , فإنه كما للأب علي ابنه حقاً فللأبن علي أبيه حقاً , فمن أهمل تعليم والده ما ينفعه وتركه سدي فقد أساء غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الأباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوا صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آبائهم كباراً وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً )

وروي عن البراز عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال : ( ان لكل شجرة ثمرة وثمرة القلب الولد , إن الله لا يرحم من لا يرحم ولده , والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة إلا رحيم , قلنا يا رسول كلنا يرحم , قال : ليس رحمته أن يرحم أحدكم صاحبه إنما الرحمة أن يرحم الناس ) .

روي الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي r قال ( افتحوا علي صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله , ولقنوهم عند الموت : لا إله إلا الله ) .

روي ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي r
( أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم ) .

روي الإمام أحمد عن أبي هريرة t عن رسول الله r : – ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه .

هذا إذا كان الابن معافي في البدن والعقل ولكن إذا كان الابن مريضاً يحتاج إلي الرعاية في كل مراحل حياته فإن هذا العائق من الأمر يقع علي كاهل الأسرة كلها ليس الوالدين فقط ولكن الأخوة عليهم مسئولية . ودور الأسرة في تربية وتأهيل ورعاية الأبن المعاق هو دور كبير ومكمل لدور الدولة ولا يمكن للمجتمع أن يتماسك إلا إذا وفر الرعاية للمريض قبل السليم وإذا كلفه ومن خلال هذا المنظور ظهرت الكثير من أنواع التأهيل لذوي الاحتياجات الخاصة منها .

  • التأهيل المرتكز علي المجتمع .
  • التأهيل المرتكز علي الأسرة .

ولقد تم تطبيق هذان النوعان من التأهيل في المجتمع المصري وقد بدأت نتائج هذا الفكر في الظهور وهناك من التجارب الناجحة ما يشجع علي زيادة التعمق والتطبيق في هذا الاتجاه .

إن هذا البحث يتناول دور الأسرة في تربية ذوي الاحتياجات الخاصة من منظور إسلامي وسوف يتعرض هذا البحث في المحاور التالية :-

  • دور الأسرة في اكتشاف الأبن .
  • دور الأسرة في تقبل الأبن .
  • دور الأسرة في التعامل مع الابن وتأهيله ( التأهيل المرتكز علي الأسرة ) .
  • دور الأسرة في تأمين مستقبل الابن .
  • دور الأسرة في اكتشاف الابن .

( حمل الملف )

دور الاسرة فى رعاية الطفال المعاقين من منظور اسلامى

pop_logo
help_logo
hawai
pop_logo