تقييم خصائص المعالجة الحسية لدى الأطفال ما بين عمر 3 إلى 11 عام

بقلم د / بهاء الدين جلال.

رئيس مركز هيلب بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

مقدمه

إن تقييم الإدراك الحسي والتمييز والتكامل والتعديل والتطبيق العملي وغيرها من المهارات الحركية مثل: وضعية الجسد والتوازن والتنسيق الحركي الثنائي أمور ضرورية لتحديد عوامل الحركة والعوامل الحسية التي تؤثر على تنمية الاستقلال الشخصي. كما يرمي هذا العمل إلى دراسة أدوات التقييم المتوافرة حاليًا لتحديد الأنماط المختلفة للمعالجة الحسية. فثمة 15 اختبار متاح للتطبيق التى تستوفى الخصائص السيكومترية. فتم تطبيق 9 منهم على الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة وحتى الصف 12. فتقييم المعالجة الحسية هي بمثابة عملية تنطوي على استخدام الاختبارات القياسية الموحدة وإدارة استبيانات مقدمي الرعاية، بالإضافة إلى الملاحظات الإكلينكية. كما يوضح استخدام استعراض مختلف الدراسات لمعايير رسميه أو بطاقات التقييم النقدي أن أكثر الأدوات شيوعًا في الاستخدام هي التكامل الحسي والاختبارات التطبيقية ومقاييس المعالجة الحسية، بالإضافة إلى الملف الحسي. تكامل حسي وتعديل حسي ومعالجة حسية. إن مفهوم المعالجة الحسية مصطلح واسع والذي يشير بشكل عام إلى معالجة الأنظمة العصبية للمعلومات الحسية، الذي يشتمل على وظائف الأجهزة المستقبِلة والأجهزة العصبي المركزي والطرفي/ المحيطي. ووفقًا لدون، المعالجة الحسية هي محاولة معقدة. حيث تتيح المدخلات الحسية من البيئة ومن الجسد نفسه وتقدمها إلى العقل

  1. ومن ثم، ينظم العقل ويدمج ويلخص ويستخدم هذه المعلومات لفهم التجارب وتنظيم استجابات مناسبة. كما ستتيح معالجة المعلومات للأفراد باصدرا الاستجابة بشكل تلقائي وبكفاءة وبسهولة
  2. للمدخلات الحسية الخاصة الواردة 2 و3. وتتألف العملية الحسية من خمس مراحل وهي: التسجيل والتعديل والتمييز والتكامل والتطبيق
  3. وهي بمثابة أمرًا أساسيًا للعمليات الإداركية مثل: الإنتباه والذاكرة والادراك البصري والإجراءات المخطط اتخاذها
  4. كما أولت ايريس اهتمامًا خاصًا للعلاقة بين الاستجابة الحركية والمدخلات الحسية وتنمية الحس حركي الطبيعي. فقد عرفت التكامل الحسي على أنه القدرة على تنظيم المعلومات الحسية لإصدار استجابة تكيفية
  5. وفي الآونة الأخيرة، قد اقترح بعض المؤلفون أنه ينبغي الاشارة إلى التكامل الحسي بوصفه تكامل أجهزة الاستشعار المتعددة
  6. وليست بالضرورة أن يكون اقتران السلوكيات بالمعالجة الحسية أعراضًا أو حالات غير طبيعية/ عاهات، فهناك اختلافات وغالبًا ما تكون قدرات، مثل: الإدارك المعزز ولهذا السبب، يفضل بعض المؤلفون استخدام السمات الحسية
  7. كما ركزت ايريس بصفة خاصة على تحديد الأنماط المختلفة للاختلال الوظيفي للتطوير الحسي الحركي وتأثيره على التعلم ووصف السلوكيات التكيفية الملحوظة في الأطفال من حماقة حركية أو مواجهه صعوبات التعلم للأشياء الغير معروفة
  8. فيؤثر اضطراب المعالجة الحسية على الطريقة التي يفسر بها العقل المعلومات القادمة وما يعقبها من استجابات، مسببةً للمشاعر والحركة وغيرها من ردود الأفعال الغير مناسبة والمتطرفة
  9. 13 صـ 331. كما أوجز Parham and Mailloux خمس اعاقات وظيفية مقترنة باضطراب المعالجة الحسية. فتتضمن المشاركة الاجتماعية المنخفضة والمشاركة المهنية تقليص فترة أو تردد الاستجابة أو تعقيد الاستجابات التكيفية (الاستجابة الناجحة للتحديات البيئية)، وضعف الثقة بالنفس و/ أو تقدير الذات: ضعف

 اضطراب المعالجة الحسي او اضطراب التعديل الحسى

 مهارات الحياة اليومية وضعف الحياة الأسرية وتضاءل تنمية المهارات الحس حركية والمهارات الحركية الكبرى. يمكن أن تؤثر فى اضطراب المعالجة الحسية بشكل سلبي و على القدرات الوظيفية والتنموية في مجال السلوك ومجال الحركة ونطاق العاطفة والمجال الإدراكي وبناءً على ذلك، من الضروري رصد الاختلافات مبكرًا بأدوات تقييم المعالجة الحسية المناسبة. أما الأطفال الذي تم تشخيصهم بحالات مختلفة، تتضمن اضطراب طيف التوحد ومتلازمة اسبرجر و اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط أو قصور الانتباه واضطراب التعديل الحسي واضطراب التنسيق النمائي فهم عرضة لمواجهه الاختلافات في أنماط المعالجة الحسية عند مقارنتها بالأنماط المتوقعة 15- 20. تصنيف التشخيص للاضطرابات النمائية واضطرابات الصحة العقلية للرضع والأطفال في مرحلة الطفولة ( 0: 3 عام 2005)

 . ان التشخيص الأكثر استخدامًا لمرحلة الطفولة المبكرة الذي يتضمن “صعوبات تنظيم المعالجة الحسية”. وعلاوة على ذلك، فالتنصيف الذي طرحه المجلس المتعدد للتطوير ودليل تشخيص اضطرابات التعلم للرضع والأطفال، بالإضافة إلى اضطرابات المعالجة التنظيمية الحسية 21. وعلاوة على ذلك، يدرج الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الطبعة الخامسة المنقحة اضطرابات الإدراك الحسي كمعيار تشخيصي جديد لاضطراب طيف التوحد 22. وثمة تصنيفات مختلفة لتحديد خصائص الاختلافات في المعالجة الحسية. وقد أشار كثير من المؤلفين، في الآونة الأخيرة، إلى مصطلحات أخرى لتلك العمليات، ولا سيما فيما يتعلق باضطرابات التعديل المحتملة مثل: فرط الحركة وقصور الحركة لبعض الملاحظات الإكلينيكية وتواجد المستقبلات الحسية والإدارك المعزز إلى آخره •

 ويعتبر التصنيف الأكثر قبولًا وتداولًا في الإستخدام هو ما قد طرحه ميلر 23، الذي اقترح وجود ثلاثة أنماط: اضطراب التعديل المحتمل واضطراب الحركة القائمة على الحس واضطرابات التمييز الحسي. ويشير اضطرابات التعديل الحسي إلى صعوبة تنظيم وضبط درجة وحدة وطبيعة الاستجابة للمثيرات الحسية من خلال سلوك متدرج وتكييفي. أما الأشخاص المصابون باضطراب التعديل الحسي لديهم القدرة على مداومة الاهتمام وفلترة الأحاسيس والحفاظ على مستوى مناسب من اليقظة. ويعرض اضطراب التعديل الحسي ثلاثة أنماط مميزة

: 1- الحساسية الحسية المفرطة والتي تعرف أيضًا بـ “الحساسية الحسية” أو اجتناب الحسية والتي تتسم بـالاستجابة السلبية الحادة لخبرات الحياة اليومية النمطية وتؤثر على درجة اليقظة والانتباه والتفاعل الاجتماعي ومستوى النشاط والعناية الذاتية. وتشتمل الأعراض على الاجتناب والتفادي والتوتر وفرط الحركة مثل: الدفاعية للمستقبلات الحسية أو انعدام أمان الجاذبية 24- 26

. 2- الاستجابة دون الحسية ويشار إليها أيضًا بـ ” انخفاض مستوى التسجيل” وتتسم بـالحد من الاسستجابة أو تأجيلها للأحداث/ الأنشطة اليومية الحسية، كما تؤثر على مستوى اليقظة والانتباه والحركة والتنسيق الحركي والموقف/ الوضع والتفاعل الإجتماعي 27. وعادة ما يتزامن وجود الاستجابة دون الحسية مع اضطراب وضعية الجسد

. 3- تتسم الرغبة الحسية بالقيادة التي لا يمكن اشباعها لتحسين الخبرات الحسية 28. كما يتوق الأطفال ذو الرغبة الحسية المدخلات الحسية إلى الحدة في مختلف السياقات ويعرض التفضيلات الحسية القوية ويظهر السلوكيات الإجتماعية الغير مناسبة، كما لديهم إدراك ضئيل، بالإضافة إلى صعوبة اتمام المهام. كذلك، يعرض الحد من الرقابة والسيطرة المثبطة وضعف التنظيم السلوكي 26.

كما قد حللت العديد من الدراسات أسباب اعتلال اضطراب التكامل الحسي، موضحةً العامل الوراثي للاستجابة الفوق الحسية 29. ويعتبر الأشخاص مفرطي الحس بأن لديهم عتبة عصبية منخفضة، ويلاحظون المدخلات الحسية بسهولة، الذي يعني تشتتهم كثيرًا بالحركة أو الأصوات أو الأقمشة أو الروائح الذي لا يدركها الآخرون 30. وعلى النقيض من ذلك، يعرض الأفراد المصابون بقلة الحركة تسجيل منخفض، أي انهم لا يلاحظون الأحداث الحسية اليومية. على سبيل المثال، قد لا يلاحظوا دخول شخص ما للغرفة أو عند وجود وسخ أو طعام على وجوههم وأيديهم 31.

 تحدث اضطرابات الحركة القائمة على الحسية عندما يتخذ وضعية جسد غير مناسبة أو الحركة الطوعية عند عرض أوجه القصور للتخطيط الحركي والتطبيق العملي والتسلسل والانسيابية والتحكم في الحركة كنتيجة للصعوبات الحسية 32. ويوجد نوعين فرعين يتأثر كليهما بضعف التمييز وإدراك الأحاسيس

: 1- يصف اعتلال وضع الجسد صعوبة التحكم في ممارسة التحكم في وضعية الجسد أثناء الحركة أو الراحة في الاستجابة لمطالب البيئة أو مهام الحركة. وينطوي التحكم في وضعية الجسد على التعاون بين الجهاز الدهليزي والجهاز البصري وجهاز استقبال الحس العميق الذي يرسي أساسًا مستقرًا لتنسيق حركة الرأس والعين والجذع والأطراف الذي لا غنى عنه للحركة الديناميكية والثابتة. وتظهر صعوبات التحكم في وضعية الجسد عند وجود خلل في الأجهزة السالفة الذِكر التي تظهر في أوجه القصور للتحكم بالحركة وموازنة ردود الأفعال وإحالة الوزن المحدود والقدرة على دوران الجذع واختلال التوازن بين ثني وبسط أجزاء الجسد وصعوبات تنسيق الحركة الثنائية والتي تفضي إلى أداء مهام الحركة بشكل غير فعال

. 2- خلل الأداء هو ضعف القدرة لتصور تخطيط وتسلسل وتنفيذ أعمال مبتكرة. أما التطبيق العملي يشير إلى القدرة التي تنطوي على ثلاث عمليات: التصور/ التفكّر والتخطيط الحركي والتنفيذ 33. يعانى الأطفال المصابين بخلل الأداء صعوبة في حركة أجسادهم في الفراغ مما يزيد احتمالية إصابتهم بالحوادث. حيث يواجهوا تحديات تتعلق بفكرة تصور الحركة والحاجة لمزيد من الوقت وممارسة تعلم مهارة جديدة، كما يظهر تراجع القدرة على تعميم المهارات لمهام الحركة الأخرى، مثل: تنفيذ أنشطة حركية معقدة 34.

يشير اضطراب التمييز الحسي إلى أنماط المعالجة الحسية المؤثرة على تفسير جودة المعالجة الحسية، ولا سيما المتعلقة بالخصائص الزمانية والمكانية. يمكن لاضطرابات التمييز أن تحدث في واحد أو أكثر من الأجهزة مثل ( الجهاز الدهليزي واستقبال الحس العميق والحواس الخمسة الأساسية 23. كما تؤثر صعوبات التمييز على القدرة على تحديد أوجه الاختلاف والتشابه بين المدخلات. وقد يظهر الأطفال المصابين بخلل الأداء ضعف للتخطيط الحركي وصعوبة في التطبيق العملي، بالإضافة إلى صعوبات التعلم وضعف الثقة بالنفس وضعف الرسم الجسدي.

وقد طبق عدد من الدراسات، في السنوات الأخيرة، أدوات تقييم مختلفة لفحص اضطرابات المعالجة الحسية 32 و 35- 38. ويمكن تصنيف تلك الدراسات وفقًا لما إذا كان يتم استخدام الاختبارات القياسية أوملاحظات الرصد المنظمة أو إجراء المقابلات الشخصية مع أولياء الأمور والمعلمين 39 و40. ويكمن الهدف من عملية التقييم في تحديد أثر مشكلات المعالجة الحسية على الأداء الوظيفي للأطفال والمشاركة في أنشطة الحياة اليومية.

 استنتج Koenig and Rudney في استعراض مؤلفاتهم أن صعوبات المعالجة الحسية تؤثر على عناصر الأداء المهني: اللعب والترفيه والمشاركة الإجتماعية وتطوير استقلال الذات والأنشطة الأساسية والفعالة للحياة اليومية، بالإضافة إلى التعليم 41. وأفادر Eeles et al. أن اضطرابات المعالجة الحسية قد تكون السبب في تعلم وتطوير الصعوبات الموجودة بالأطفال 4.

 من المقدر أن بين 40 إلى 80% من الأطفال و3 إلى 11% من البالغين المصابين بخلل النمو العصبي لديهم صعوبات في المعالجة الحسية 42 و43. وأن بين 60 إلى 95% من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد لديهم اختلافات في اضطراب المعالجة الحسية 31 و43- 46. وكذلك تم الإفادة بأن بين 2.8 إلى 6.5% من نسبة السكان العادية النامية لديهم صعوبة في المعالجة الحسية 29 و47. وعلى وجه التحديد، يتعرض 5% من الأطفال من بين عمر 0: 3 سنوات لاختلافات اضطرابات المعالجة الحسية 15. وبناء على ذلك، للكشف المبكر عن هذه الاختلافات/ الفروق، من الضروري تحديد الأداء الأكثر دقة وملائمةً لتقييم المعالجة الحسية وتحديد ما إذا كانت صعوبات التكامل الحسي تمثل عاملًا هامًا في سلوك الطفل لتقديم التدخل المناسب 4.

 يوجد حاليًا استعراضًا منهجيًا واحدًا لاختبارات التشخيص لاضطرابات المعالجة الحسية في الأطفال ما بين عمر 0: 3 سنوات 4. ومن ثم، فمن المثير للاهتمام إجراء استعراض ممنهج لتقييم اضطرابات المعالجة الحسية في الأطفال الأكبر سنًا بعمر 3 إلى 11 سنة.

pop_logo
help_logo
hawai
pop_logo