كتب  / د بهاء جلال

خبير التربية بالوكالة الامريكية للتعليم

رسالة إلى الآباء ……….. انتبهوا !!

أخطاء عديدة قد تقعون بها (ربما من غير قصد) في رحلة تربية أبنائكم …… سنلقي الضوء على بعضها:

1-    التسلط أو السيطرة

ويعني تحكم الأب أو الأم في نشاط الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي يريدها حتى ولو كانت مشروعة أو إلزامه بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإمكانياته ويرافق ذلك استخدام العنف أو الضرب أو الحرمان أحياناً وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات ، كأن تفرض الأم على الطفل ارتداء ملابس معينة أو أكل طعام معين أوإختيار أصدقاء معينين..

ويدخل ضمن هذا أيضاً فرض الوالدين على الابن تخصصاً معيناً في الدراسة والعمل ، ظنا منهما أن ذلك في مصلحة الابن دون أن يعلموا مدى خطورة هذا الأسلوب على شخصية الابن وحياته المستقبلية ، إذ أنه ينشأ ولديه ميل كبير للخضوع وإتباع الآخرين ونقص في الثقة في النفس وعجز عن التفكير الحر والإبداع وخوف من مسؤولية اتخاذ القرارات ، كما يساعد إتباع هذا الأسلوب في تكوين شخصية قلقة خائفة دائماً من السلطة تتسم بالخجل والحساسية الزائدة ..

كما قد ينتج عن إتباع هذا الأسلوب طفل عدواني يخرب ويكسر أشياء الآخرين لأن الطفل في صغره لم يشبع حاجته للحرية والاستمتاع بها.

2-    الحماية الزائدة

إذ يقوم أحد الوالدين أو كليهما نيابة عن الطفل بالمسؤوليات التي يفترض أو يجب أن يقوم بها هو وحده ويحرص الأهل على حماية الطفل والتدخل في شؤونه فلا يتاح له فرصة اتخاذ قراره بنفسه وعدم إعطائه حرية التصرف في كثير من أموره :

كحل الواجبات المدرسية نيابة عنه أو الدفاع عنه عندما يعتدي عليه أحد الأطفال  من أقرانه

وقد يرجع ذلك لخوف الوالدين على الطفل لاسيما إذا كان الأول أو الوحيد أو كان ولداً بين عدة البنات.. إلخ…

وهذا الأسلوب بلا شك يؤثر سلباً على نفسية الطفل وشخصيته فينمو بشخصية ضعيفة غير مستقلة معتمدة على الغير وغير قادرة على تحمل المسؤولية إضافة إلى انخفاض مستوى الثقة بالنفس وسهولة تقبل الإحباط وازدياد الحساسية تجاه أي نقد…

فمثلاً عندما يكبر يطالب بأن تذهب معه أمه للمدرسة حتى مرحلة متقدمة من العمر ، ويكون في المستقبل عرضة لمشاكل عدم التكيف بسبب كونه حرم من إشباع حاجته للاستقلال في طفولته ولذلك يظل معتمدا على الآخرين دائماً .

3-    الإهمــــــال

حينما يترك الوالدان الطفل دون تشجيع على سلوك مرغوب فيه أو تنبيه ومحاسبة على سلوك خاطئ وقد يعود هذا لانشغال الأبوين كل بمسؤولياته وحياته بعيداً عن الأسرة

والأبناء يفسرون ذلك على أنه نوع من النبذ والكراهية والإهمال فتنعكس بآثارها سلباً على نموهم النفسي .

ويصاحب ذلك أحياناً السخرية والتحقير للطفل فمثلاً عندما يقدم الطفل للأم عملاً قد أنجزه وسعد به تجدها تحطمه وتنهره وتسخر من عمله ذلك وتطلب منه عدم إزعاجها بمثل تلك الأمور التافهة كذلك الحال عندما يحصل الطفل على درجة مرتفعة في احد المواد الدراسية لا يكافأ مادياً ولا معنوياً بينما إن حصل على درجة منخفضة تجده يوبخ ويسخر منه ، وهذا بلا شك يحرم الطفل من حاجته إلى الإحساس بالنجاح ومع تكرار ذلك يفقد مكانته في الأسرة ويشعر تجاهها بالعدوانية وفقدان حبه لهم.

وعندما يكبر يجد في الجماعة التي ينتمي إليها ما ينمي هذه الحاجة ويجد مكانته فيها ويجد العطاء والحب الذي حرم منه وهذا يفسر بلا شك هروب بعض الأبناء من المنزل إلى شلة الأصدقاء ليجدوا ما يشبع حاجاتهم المفقودة .

وتكون خطورة ذلك الإهمال أكبر ضرراً على الطفل في سني حياته الأولى بإهماله لحاجته للآخرين وعجزه عن القيام بإشباع حاجاته بنفسه.

ومن نتائج إتباع هذا الأسلوب في التربية ظهور بعض الاضطرابات السلوكية لدى الطفل كالعدوان والعنف أو الاعتداء على الآخرين أو العناد أو السرقة أو إصابة الطفل بالتبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بالأوامر والنواهي التي يصدرها الوالدان.

4-    التدليل

إذ تتم موافقة الطفل في كل رغباته والتساهل معه في ممارسة بعض السلوكيات غير المقبولة سواء دينياً أو خلقياً أو اجتماعياً..

عندما تصطحب الأم الطفل معها مثلاً إلى منزل الجيران أو الأقارب ويخرب الطفل أشياء الآخرين ويكسرها لا توبخه أو تزجره بل تضحك له وتحميه من ضرر الآخرين ، كذلك الحال عندما يشتم أو يتعارك مع احد الأطفال تحميه ولا توبخه على ذلك السلوك بل توافقه عليه وهكذا …….

وقد يتجه الوالدان أو أحدهما إلى إتباع هذا الأسلوب مع الطفل إما لأنه طفلهما الوحيد أو لأنه ولد بين أكثر من بنت أو العكس أو لأن الأب قاسٍ فتشعر الأم تجاه الطفل بالعطف الزائد فتحاول أن تعوضه عما فقده أو لأن الأم آو الأب تربيا بنفس الطريقة فيطبقان ذلك على ابنهما ..

ودائماً خير الأمور الوسط لا إفراط ولا تفريط

فمن نتائج تلك المعاملة أن الطفل ينشأ غير معتمدٍ على نفسه غير قادرٍ على تحمل المسؤولية بحاجة لمساندة الآخرين ومعونتهم,كما يتعود على دوام الأخذ لا العطاء وأن على الآخرين أن يلبوا طلباته وإن لم يفعلوا ذلك يغضب ويعتقد أنهم أعداء له ويكون شديد الحساسية وكثير البكاء .

وعندما يكبر تحدث له مشاكل عدم التكيف مع البيئة الخارجية ( المجتمع ) فينشأ وهو يريد أن يلبي له الجميع مطالبه يثور ويغضب عندما ينتقد أحدهم سلوكا له ويعتقد الكمال في كل تصرفاته وانه منزه عن الخطأ وعندما يتزوج يحمل زوجته كافة المسؤوليات دون أدنى مشاركة منه ويكون مستهتراً نتيجة غمره بالحب دون توجيه .

5-    إثارة الألم النفسي

ويكون ذلك بإشعار الطفل بالذنب كلما أتى سلوكاً غير مرغوب فيه أو كلما عبر عن رغبة سيئة, أيضاً كثرة تحقير الطفل والتقليل من شأنه والبحث عن أخطائه ونقد سلوكه مما يفقده ثقته بنفسه فيكون متردداً عند القيام بأي عمل خوفاً من حرمانه من رضا الكبار وحبهم

وعندما يكبر يكون شخصية انسحابية منطوية غير واثق من نفسه يوجه عدوانه لذاته ولديه دوما شعور بعدم الأمان وان الأنظار كلها مصوبة نحوه فلا يحب ذاته ويمتدح الآخرين ويفتخر بهم وبإنجازاتهم وقدراتهم أما هو فيحطم نفسه ويزدريها.

6-    التذبذب في المعاملة

وهو عدم استقرار الأب أو الأم في استخدام أساليب الثواب والعقاب فيعاقب الطفل على سلوك معين مره ويثاب على نفس السلوك مرة أخرى

وذلك نلاحظه في حياتنا اليومية من تعامل بعض الآباء والأمهات مع أبنائهم مثلاً : عندما يسب الطفل أمه أو أباه نجد الوالدين يضحكان له ويبديان سرورهما ، بينما لو كان الطفل يعمل ذلك العمل أمام الضيوف فيجد أنواع العقاب النفسي والبدني

هذا يقود الطفل لحيرة من أمره ,وغالباً ما يترتب على اتباع ذلك الأسلوب أن يغدو الطفل ذا شخصية متقلبة مزدوجة في التعامل مع الآخرين ، وعندما يكبر ويتزوج تكون معاملته لزوجته متقلبة متذبذبة فنجده يعاملها برفق وحنان تارة وتارة يكون قاسياً بدون أي مبرر لتلك التصرفات وقد يكون في أسرته في غاية البخل والتدقيق في حساباته ودائم العبوس أما مع أصدقائه فيكون شخص آخر كريماً متسامحاً ضاحكاً مبتسماً .

كما يظهر أثر هذا التذبذب في سلوك أبنائه حيث يسمح لهم بإتيان سلوك معين في حين يعاقبهم مرة أخرى بما سمح لهم من تلك التصرفات والسلوكيات.

 وقد يفضل أحد أبنائه على الآخر فيميل مع جنس البنات أو الأولاد وذلك حسب الجنس الذي أعطاه الحنان والحب في الطفولة.

7-    التفرقة

وتعني عدم المساواة بين الأبناء جميعاً والتفضيل بينهم بسبب الجنس أو ترتيب المولود أو السن أو الذكاء أو الجمال أو غير ذلك…

وهذا بلا شك يؤثر على نفسيات الأبناء الآخرين وعلى شخصياتهم فيشعرون بالحقد والحسد تجاه هذا المفضل وينتج عنه شخصية أنانية تعود الطفل على الأخذ دون العطاء وعلى الاستحواذ على كل شيء لنفسه ولو على حساب الآخرين .

 

ابتسامة وكلمة وحضن

 

عندما يدخل النظام حياة طفلك سوف تتوقف دموعكما معاً.. وسوف تحل الطمأنينة على الطفل و تهدأ أعصابك.

 وحتى تلزمي طفلك بعمل ما تريدين لابد أن تكوني حاسمة ومسيطرة و ليس قاسية أو منزعجة، فالقسوة والانزعاج والتذبذب في إصدار القرارات يحدث نوبات الغضب لطفلك والتوتر لك.

 أخرجي العقاب الجسدي من طرق تعليم النظام، ومن حياة الطفل بصفة عامة فهو قد يجعله يتوقف عن المشاكل في التو ولكن التهذيب لن يحدث على المدى الطويل. فالعقاب الجسدي لا يؤلم فقط بل يؤذي نفسياً ويجعل طفلك مستاءً ومتوتراً لأنه لا يعرف لماذا أفرغت غضبك فيه.

في المرة القادمة إذا ألقى بالأكل على الأرض ونثره فوق السجاد أو عض الطفل الذي جاء لزيارته، خذي نفساً عميقاً ونفذي النصائح التالية لتشجعي طفلك على النظام بإيجابية.

تذكري أن طفلك الذي لم يبلغ العامين لا يفهم دائماً الخطأ الذي صنعه، فإذا صرخت في وجهه سوف يبكي ولن يفهم. من الأفضل أن تقولي: لا..  حبيبي يجب أن تفعل كذا وتبعديه عما يفعل، فهو قادر على تعلم معنى: لا.. قبل أن يتعلم معنى: لماذا؟

انظري إلى الأحداث من مستوى تفكير الطفل، فإذا أخرج الطعام من صحنه فجأة ثم ألقى به على الأرض.. توقفي وفكري لماذا فعل ذلك ؟ فقد تكونين قد شرحت له منذ أيام كيف يخرج المكعبات من غلافها، وقد يكون يتدرب على إخراج الأشياء من أماكنها.. الطعام من الصحن .

*******

 تفهمي أن صغيرك يفعل فقط الأشياء التي يريدها وإذا دخلت معه معركة في الغالب ستخسرينها لأنه لا يستمع إلا لما يريد، وبدلاً من الدخول في مشادة لتنظيم اللعب، فكري في طريقة تجعله يحب هذا التنظيم وجربي أن تكون الأوامر في شكل لعب، كأن تقولي –مثلاً – هل يمكنك جمع كل هذه اللعب قبل أن أصل إلى العدد عشرة.. هذا افضل من إعطاء الأمر وانتظار التنفيذ

جربي أسلوب التدعيم بدلاً من العقاب، فعندما تنتاب طفلك نوبة غضب تكون النصيحة أن تضعيه في غرفته حتى ينتهي من الغضب، ولكنه يحتاج أحيانا أثناء الغضب لتدعيمك وتأثيرك وسيطرتك. فهذه التصرفات تمده بالعون وتعينه على الخروج من نوبة الغضب، إذا شعرت أنه يريد أن يبكي وهو في حضنك احتضنيه واجلسي معه حتى ينتهي من نوبة الغضب بدلاً أن تطلبي منه أن يذهب لغرفته

*******

علمي طفلك المهارات الاجتماعية، ويمكنك البدء في هذا عندما يكون متعاوناً وإيجابياً، والمكافأة لا تعني دائماً تقديم شيء مادي فالصغير يسعد بابتسامة رضاً منك وكلمة مدح جميلة وحضن مشمول بالحنانقدمي له المثل الصحيح: طفلك يتعلم منك التصرفات السليمة التي تسلكينها تجاهه وتجاه الآخرين، فإذا أردت منه أن يساعدك في ترتيب الغرفة قدمي له المثل بمساعدتك له، وإذا أخطأت في حقه اعترفي بالخطأ ليتعلم أن الاعتراف بالخطأ أفضل من إخفاءه بسبب الخوف

استخدمي الشرح الإيجابي، فإذا أردت منه أن يرتدي جواربه – مثلاً – اشرحي له كيف يفعل ذلك وقولي: يجب أن يكون هكذا.. بدلاً من الانتظار إلى أن ينتهي من ارتدائه بطريقة خاطئة ثم تقولين: لا ليس هكذا.. واستخدمي دائماً كلمات مثل: نعم هكذا حسن، هيا اكمل ما تفعله.. بدلاً من كلمات مثل: لا، توقف عن ذلك

*******

 إذا وضعت حدوداً وقواعد ثابتة للسلوك اليومي تمسكي بها ولا تتراجعي عنها، وتأكدي أن زوجك يعرف هذه الحدود ويتمسك بها لأنه إذا سمح للطفل بما تمنعينه أنت عنه فسوف يتشتت ذهن الطفل ولا يعرف من الذي يجب أن يثق برأيه

العالم كبير ومحير والطفل يحتاج إلى وقت طويل ليفهم معنى التهذيب والسلوك الإيجابي الذي تريدينه، فإذا لم يستجب لك حاولي أن تدخلي معه في مساومة بسيطة، وعلى سبيل المثال: إذا قلت: هذا وقت النوم.. وهو مشغول في لعبته ويريد أن ينتهي منها، اتركي له بعض الوقت وقولي له: أمامك خمس دقائق لتنتهي منها

*******

تعاملي مع طفلك برفق ولين وتأكدي من انه ليس ماكينة تسير كما ترغبين دون أي خطأ، فهو يكبر ويتعلم ويخطئ ويصحح خطأه، فشجعيه دائماً على السلوك الإيجابي الذي يجعله محبوباً من الناس وامنحيه دعمك، واشرحي له كل شيء بالتفصيل ليتفهم الأمور ويتحمل المسؤولية

 

pop_logo
help_logo
hawai
pop_logo