التخلف العقلي Mental Retardation

ظهرت العديد من المصطلحات الحديثة التي تعبر عن مفهوم التخلف العقلي Mental Retardation , ومنها القصور العقلي Mental Impairment ومصطلح الضعف العقلي Mental Deficiency ومصطلح الأداء العقلي دون العادي Mental Subnormal , كما ظهرت فـي اللغة العربية أيضاً بعض المصطلحات القديمة والتي تعبر عن مفهوم التخلف العقلي , والتي قل استخدامها فـي الوقت الحاضر , ومنها مصطلح الطفل الغبي أو الطفل البليد Idiot, Dumb . ويرجع هذا التعدد فـي المصطلحات إلى الترجمة الحرفية للمصطلحات أو ترجمة المضمون فقط دون الاتفاق فـي تحديد المضمون , إلا أن مصطلح التخلف العقلي هو الأكثر شيوعاً فـي الكتابات العربية .

أولاً :تعريفات التخلف العقلي Mentel Retardation Definitions of

تعددت تعريفات التخلف العقلي بتعدد التخصصات العلمية ذات العلاقة , حيث ظهرت التعريفات الطبية والتعريفات السيكومترية , والتعريفات الاجتماعية والتربوية وغيرها .

أ ـ التعريف الطبي Medical Definition

تعتبر التعريفات الطبية من أقدم التعريفات التي حاولت تقديم مفهوم أو تفسير يصف حالة التخلف العقلي بوضوح , وكان العاملون فـي المجال الطبي مثل الأطباء يركزون على الأسباب المؤدية إلى التخلف العقلي . ففي عام 1900م ركز إيرلاند على المراكز العصبية والأسباب المؤدية إلى تعطلها سواءً كان ذلك قبل الولادة أو أثناء أو بعد الولادة .

ومن المعروف طبياً أن هناك مراكز للإحساس تتوزع على القشرة الدماغية وأن إصابة أي مركز من هذه المراكز قد يؤدي إلى تعطيل وظيفته مثل إصابة مركز الإحساس والحركة أو مركز السمع وهذه الإصابة بالطبع تؤدي إلى تعطل الجهاز العصبي المركزي Nervous System .Centralإذ أن الجهاز العصبي المركزي يدير كل العمليات النفسية والعقلية والحركية والحسية .

ومن أبرز التعاريف الطبية للتخلف العقلي تعريف بينوا( Benoit , 1952 ) ويرى فيه أن التخلف العقلي عبارة عن ضعف فـي الوظيفة العقلية ناتج عن عوامل أو محددات داخلية فـي الفرد أو عن عوامل خارجية بحيث تؤدي إلى تدهور في كفاءة الجهاز العصبي ومن ثم فهي تؤدي إلى نقص فـي القدرة العامة للنمو وفـي التكامل الأدراكي والفهم .

ب ـ التعريفات السيكومترية Psychometric Definitions

ظهرت التعريفات السيكومترية للتخلف العقلي نتيجة للانتقادات التي وجهت إلى التعاريف الطبية , حيث يمكن للطبيب وصف الحالة ومظاهرها وأسبابها , دون أن يعطي وصفاً دقيقاً وبشكل كمي للقدرة العقلية .

ونتيجة للتطور الواضح فـي عملية القياس النفسي على يد بينيه فـي عام 1905م وظهور مقاييس للذكاء مثل مقياس وكسلر ومقياس بينيه وظهور بعض التعديلات على هذه المقاييس فيما بعد ذلك , وقدرة المقاييس السيكومترية على إعطاء وصف كمي للقدرة العقلية فقد اعتمدت هذه التعريفات على نسبة الذكاء Intelligence Questiont ( I .Q ) كمحك أساسي فـي تعريف الإعاقة العقلية . حيث اعتبرت هذه التعريفات الأفراد الذين تقل نسبة ذكائهم عن [ 75 ] درجة على مقاييس الذكاء متخلفين عقلياً ويظهر ذلك على منحنى التوزيع الطبيعي للقدرة العقلية والتي تقدر نسبة حالة التخلف العقلي فيه بحوالي [ 2,14% ] بما يوازي نفس النسبة المقدرة للموهوبين على المنحنى نفسه .

ويعتبر تعريف والين ( Wallin , 1949 ) من أبرز التعاريف التي ظهرت فـي هذا الميدان والذي يعرف الفرد المتخلف عقليا بأنه هو الذي يخفق عند استخدام الاختبارات النفسية المقننة معه فـي الحصول على نسبة ذكاء , أو عمر عقلي عند مستوى معين .

جـ ـ التعريفات الاجتماعية Social Definitions

ظهرت التعريفات الاجتماعية للتخلف العقلي نتيجة للانتقادات المتعددة لمقاييس القدرة العقلية وخاصة ستانفورد بينية , ومقياس وكسلر , فـي قدرتها على قياس القدرة العقلية للفرد , فقد وجهت انتقادات إلى محتوى تلك المقاييس وصدقها وتأثرها بعوامل عرقية وثقافية وعقلية واجتماعية , الأمر الذي أدى إلى ظهور المقاييس الاجتماعية والتي تقيس مدى تفاعل الفرد مع مجتمعة واستجابته للمتطلبات الاجتماعية .

وتركز التعريفات الاجتماعية على مدى نجاح أو فشل الفرد فـي الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية منه مقارنة مع نظرائه من نفس المجموعة العمرية , وعلى ذلك يعتبر الفرد متخلفاً عقلياً إذا فشل فـي القيام بالمتطلبات الاجتماعيةSocial Demand المتوقعة منه , وقد ركز كثيرون على مدى الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية كمتغير أساسي فـي تعريف الإعاقة العقلية حيث يقول دول (Doll,1941) أن المتخلف عقليا شخص غير كفء اجتماعيا ومهنيا , ولا يستطيع أن يسير دفة أموره وحده , كما انه دون الأسوياء فـي القدرة العقلية , ويظهر تخلفه العقلي منذ الولادة أو فـي سن مبكرة , ويظل متخلفا عقليا عند بلوغه سن الرشد , ويرجع تخلفه إلى عوامل تكوينية , إما وراثية أو نتيجة مرض ما , وحالته غير قابله للشفاء .

وقد ذكر دول (Doll,1941) بالإضافة إلى عدم الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية خاصية أساسية وهي عدم اكتمال النمو العقلي , مما يجعل هذه الفئات دائمي الحاجة إلى مساعدة الآخرين بالإضافة إلى أنهم غير قابلي الشفاء

ونجد أن المتطلبات الاجتماعية تختلف تبعاً لمتغير العمر أو المرحلة العمرية للفرد . ويمكن الحكم من خلالها كمعايير صادقة على أداء الفرد ومدى قدرته على تحقيقها تبعاً لعمره الزمني , وإذا فشل فـي تحقيق مثل هذه المتطلبات فـي العمر المتوقع تحقيقها فيه . فإن هذا الطفل يعاني من مشكلة فـي تكيفه الاجتماعي .

د ـ التعريفات التربوية Educational Definitions

ركزت التعريفات التربوية على معيار القدرة على التعلم حيث يرون أن الطفل المتخلف تخلفاً عقلياً بسيطاً هو الطفل الذي يستطيع الاتصال بأقرانه بواسطة الكلام والكتابة , ولكن يظهر تأخراً فـي سنتين أو ثلاثة من دراسته , دون أن يعود هذا التأخر إلى الكفاءة الذاتية له . وكذلك أشار البعض منهم أن التخلف العقلي البسيط عبارة عن تأخر أو بطء فـي التطور العقلي للطفل بحيث يتعلم الأشياء ببطء أكثر من الأطفال الذين هم فـي مثل سنه .

وقد استخدمت انجرام (Ingram,1953) مصطلح ” بطيء التعلم ” للتعبير عن الطفل الذي لا يستطيع أن يكون تحصيله فـي نفس مستوى زملائه فـي الدراسة أي أن يكون فـي مستوى أقل من مستوى الصف الذي يجب أن يكون فيه . وهؤلاء الأطفال نسبتهم حوالي من [ 18% إلى 20% ] من أطفال المدارس وهم الذين تقع نسبة ذكائهم بين [ 50 – 89 ] على اختبارات ذكاء مقننه فرديه . وتطلق على الفئة التي يقع ذكاؤها بين [ 75 – 89 ] بالفئة البينية Borderline ( بين العادي والمتخلف ) وهي تتكون من [ 16% إلى 18% ] من مجموع الأطفال بطيء التعلم ويطلق اسم المتخلف عقليا على الفئة التي تكون نسبة ذكائها بين [ 50 , 75 ] وهم اقل ويمثلون [ 2% ] من مجموع تلاميذ المدارس من حيث الذكاء والقدرة العقلية .

كما يشير كيرك Kirk ” 1962 ” أن الطفل المتخلف عقليا يعاني من تخلف دراسي وبطء فـي التعلم لا يستطيع أن ينتفع إلى درجة كبيرة من برامج المدارس العادية بسبب التطور العقلي البطيء .

هـ ـ تعريف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي
Definition of the American Association of Mental Retardation ( AAMR)

ظهر تعريف الجمعية الأمريكية نتيجة للانتقادات التي وجهت للتعريفات السيكومترية والتي تعتمد على معايير القدرة العقلية القياسية فقط فـي تعريف التخلف العقلي ونتيجة للانتقادات التي وجهت للتعريفات الاجتماعية التي اعتمدت على معايير الصلاحية الاجتماعية فقط فـي تعريف التخلف العقلي .

ونتيجة لذلك فقد تبنت الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي ( AAMR) تعريف هيبر Heber ” 1961 ” والذي روجع عام ” 1963م ” ويشير إلى التخلف العقلي بأنه مستوى الأداء الوظيفي العقلي الذي يقل عن المتوسط والذي يظهر فـي مرحلة النمو من الميلاد وحتى سن [ 16 ] مرتبطاً بخلل فـي واحدة أو أكثر من الوظائف التالية : النضج , التعلم , التكيف الاجتماعي . وبذلك فإنه ضم فئة بطيئي التعلم وهم ذوي نسبة ذكاء تقدر بـ [ 70 ـ 84 ] درجة إلى فئة المتخلفين عقلياً .

وقد تمت مراجعة تعريف هيبر من قبل جر وسمان Grossmanفـي عام 1973م , وظهر تعريف جديد للتخلف العقلي يشير إلى : أن التخلف العقلي يمثل مستوى من الأداء الوظيفي العقلي العام والذي يقل عن المتوسط بدرجة دالة , ويصاحب ذلك خلل واضح فـي السلوك التكيفي , ويظهر فـي مراحل العمر النمائية منذ الميلاد وحتى سن [ 18 ] سنة .

ويمكن تلخيص أهم الفروق بين تعريف هيبر في عام 1961م , وتعريف جروسمان 1973م ـ 1983م إلى ما يلي :
1.كانت الدرجة ( نسبة الذكاء ) التي تمثل الحد الفاصل بين الأفراد العاديين والأفراد غير العاديين أي المعاقين حسب تعريف هيبر [85 ] أو [ 84 ] درجة على مقياس وكسلر أو مقياس ستانفورد بينيه فـي حين أصبحت الدرجة , التي تمثل الحد الفاصل بين الأفراد العاديين , والمعاقين حسب تعريف جروسمان [ 70 ] أو [ 69 ] درجة على نفس المقاييس .
2.تعتبر نسبة الأفراد المتخلفين عقلياً فـي المجتمع حسب تعريف هيبر [ 15,86% ] فـي حين تعتبر نسبة الأفراد المتخلفين فـي المجتمع حسب تعريف جروسمان [ 2,27% ] .
3.كان سقف العمر النمائي حسب تعريف هيبر هو سن [ 16 ] سنة فـي حين أنة قد أصبح السقف النمائي حسب تعريف جروسمان هو سن [ 18 ] سنة.
4.كان القصور في السلوك التكيفي عند هيبر ” مصاحباً ” للقصور في القدرات العقلية , أما عند جروسمان فكان ” ملازماً ” للقصور في الذكاء .

واستمر تعريف جروسمان 1973م مقبولاً فـي أوساط التربية الخاصة ,حيث تبنت الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي هذا التعريف من عام 1973م , وحتى المؤتمر السادس عشر بعد المائة فـي ولاية لويزيانا فـي مايو 1992م , حيث عرف التخلف العقلي بأنة ” مصطلح يشير إلى قصور جوهري فـي الأداء الحالي للفرد حيث وصف أنة حالة يقل فيها الأداء العقلي عن المتوسط العام بشكل دال , كما أنه يكون ملازماً بقصور فـي اثنتين أو أكثر من المهارات التكيفية مثل الاتصال , العناية بالذات , المهارات العملية , التوجيه الذاتي , العمل والاستقلالية , وقد يكون هذا القصور يصاحبه مهارات توافقية أخرى قوية تدل على الكفاءة الشخصية , وقياس قصور المهارات التوافقية يرتبط بالبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد , وكذلك أقران الفرد من فـي مثل سنه , وذلك يحدد المهارات الأساسية التي يحتاج فيها الفرد للمساعدة وتقديم العون , ويظهر التخلف العقلي قبل سن الثامنة عشر , وحسب هذا التعريف فقد اعتبرت معايير نسبة الذكاء والسلوك التكيفي أبعاداً رئيسية فـي تعريف الإعاقة العقلية .

وأجري تعديل لتعريف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي (AAMR) عام 2002م , حيث عرف التخلف العقلي بأنه إعاقة تتصف بقصور جوهري فـي كل من الوظيفة العقلية , والسلوك التكيفي , كما يعبر عنها فـي المهارات التكيفية المتمثلة فـي المفاهيم والمهارات الاجتماعية والعملية , و يظهر هذا القصور قبل سن 18 سنة .

ويعتبر تعريف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي هو أكثر التعريفات تداولاً وقبولاً فـي دول العالم المختلفة .

التخلف العقلي: Mental Retardation
لقد تعددت تعريفات التخلف العقلي منذ بدايات الاهتمام بهذه الفئة فقد عرف من مدخل طبي ثم من مدخل سلوكي ثم من مدخل إحصائي. (في: الشناوي؛ 1997).
أما عن تطور التعريفات التي تم تبنيها من قبل الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي فقد كان أبرزها تعريف هيبر Heber (1961) ثم توالت التعريفات مثل تعريف 1973 ثم تعريف 1992 وتعريف 1993 وصولا إلى التعريف الذي صدر عام 2002م والصادر عن الجمعية الأمريكية والذي يرى أن التخلف العقلي هو إعاقة تتسم بقصور واضح في كل من الأداء الوظيفي العقلي والمهارات التكيفية المفاهيمية والاجتماعية والعملية وتظهر هذه الإعاقة قبل سن الثامنة عشر.(الجمعية الأمريكية 2002 )
ويرى هويدي (2004) أنه وفي النظر للتعريف السابق نجد بأنه ينطوي على ضرورة النظر إلى القصور في الأداء الوظيفي الراهن ضمن سياق البيئات المجتمعية النمطية بالنسبة لرفاق الفرد في العمر والثقافة، وأن التقييم الصادق للفرد يأخذ في الاعتبار التنوع الثقافي واللغوي، وكذلك الفرق في التواصل والعوامل الحسية والحركية والسلوكية وفي نطاق الفرد الواحد غالباً ما يتواجد القصور جنباً إلى جنب مع مظاهر للقوة وان الهدف من توصيف القصور هو تطوير تخطيط بياني لجوانب المساندة والدعم التي يحتاج إليها مع المساندة الشخصية الملائمة وعلى مدى فترة ممتدة من الزمن، فأن الأداء الوظيفي الحياتي للشخص المتخلف عقلياً سوف يتحسن بوجة عام.
بالطبع لقد مرت تعاريف التخلف العقلي بأطوار عده كانت نتاج للمراحل الزمنية المختلفة، أو نتاج للمدارس الفكرية أو الاختصاصات المختلفة التي تناولت فئة التخلف العقلي بالدراسة والبحث، كالأطباء، والتربويين، والنفسيين إلى أن وصلنا إلى آخر تعريف للجمعية الأمريكية للتخلف العقلي (2002).

تعريف التخلف العقلي البسيط: Mild Mental Sub-normality
التخلف العقلي البسيط: وتتراوح نسبة ذكاء المتخلفين عقليا بدرجة بسيطة بين 50- 69 كما ويتوقف النمو العقلي عند مستوى طفل عادي من 17- 11 سنة تقريباً، ومن الصفات الإكلينيكية للشخص الذي يعاني من تخلف بسيط ضعف المحصول اللغوي؛ مما يجعله يعبر بجمل قصيرة غير سليمة التركيب ويعاني من عيوب كثيرة في النطق من أكثرها شيوعاً الخنه وإبدال الحروف وعدم وضوح مخارجها، وتستطيع الحالات من هذا المستوى التعامل بالعملة بحسب قيمتها وتتعرف على المواقيت وعلى أيام الأسبوع ولكنها تفشل في معرفة أسماء الشهور وفصول السنة كما تستطيع تعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب إلى مستوى الصف الخامس الابتدائي لكن تعلمها بطيء فتدرس كل مستوى في سنتين أو ثلاث سنوات ويمكن تدريبها بعض المهن اليدوية التي تؤهلها للحصول على عمل في المصانع والشركات والمؤسسات الحكومية والأهلية، وتنجح معظم حالات التخلف الخفيف في تحمل مسئولياتها تجاه أسرتها إذا وجدت الرعاية المناسبة في سن مبكرة لكنها تظل في حاجة إلى إرشاد وتوجيه الآخرين مدى الحياة لأن نضوجها الاجتماعي لا يصل إلى مستوى الرشد التام مما يجعلها عرضة لأن يسوء توافقها إذا لم تجد من يرشدها ويساعدها على علاج مشاكلها اليومية في البيت والعمل ومع المجتمع. (في: مرسي؛ 1996)

التصنيف التربوي للتخلف العقلي:
1.
القابلون للتعليم: وتتضمن هذه الفئة الأطفال الذين يعتبرون بحكم هذا التصنيف قابلين لتعلم المهارات الأكاديمية الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب والذين تتراوح نسب ذكائهم 55- 70 درجة.
2.
القابلون للتدريب: وتتضمن هذه الفئة المعوقين عقلياً الذين يعتقد أنهم غير قادرين على تعلم المهارات الأكاديمية، ولذلك فإن برنامجهم التعليمي يهدف أساساً إلى التدريب على المهارات الاستقلالية كالعناية بالنفس إضافة إلى مهارات التهيئة المهنية والتأهيل المهني. وتتراوح نسب ذكاء الأفراد في هذه الفئة بين 25- 55 درجة.
3.
الإعتماديون: وتتضمن هذه الفئة المتخلفين عقليا الذين تقل نسب ذكائهم عن 25 درجة، ويعتقد أنصار هذا التصنيف بعدم قدرة هذه الفئة على تعلم المهارات الاستقلالية كالعناية بالنفس والقيام بالمهمات الحياتية اليومية الأساسية؛ لذا فإنهم بحاجة دائمة للاعتماد على غيرهم وتقتصر الخدمات المقدمة لهذه الفئة على رعايتهم في مؤسسات خاصة بحيث تقدم لهم الخدمات الأساسية من غذاء ورعاية صحية. (في: القريوتي وآخرون؛ 2001)

خصائص المتخلفين عقلياً:
لا شك بأن معرفتنا لخصائص فئة معينة يساعدنا كثيراً على التعرف على حاجات أفرادها، وإعداد البرامج المناسبة التي تساعد على الوفاء بهذه الحاجات وإشباعها، ففي الواقع فإن الأفراد المتخلفين عقلياً لا يمثلون مجموعة واحدة متجانسة وإنما هم مجموعة غير متجانسة إلى حد بعيد وعند النظر على معيار الذكاء فإنه يمكن تصنيف فئات التخلف العقلي إلى أربع مجموعات حسب تعريف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي وهي حالات التخلف البسيط، وحالات التخلف المتوسط، وحالات التخلف الشديد، وحالات التخلف العميق. (في: الشناوي، 1997)

أولا: الخصائص الجسمية لذوي التخلف العقلي:
وعند الحديث عن الخصائص الجسمية فإنها تشمل خصائص النمو الجسمي العام كالطول والوزن والحالة الصحية العامة، وفي هذا الصدد يشير هات وجيبي (Hutt & Gibby) إن معظم الأفراد المتخلفين عقلياً تخلف عقلي بسيط ومتوسط لا يختلفون عن الأطفال العاديين في المظهر الجسمي أو في النمو والأداء الجسمي وكلما كانت الإعاقة شديدة زادت الفروق في المظهر الجسمي، وتأخذ بالظهور بشكل واضح والمقصود بالمظهر الجسمي هو الطول والوزن وتعبيرات الوجه والتناسق العضلي، أما الحالة الصحية العامة فإن معظم حالات التخلف العقلي البسيط لا يصاحبها حالات مرضية بدرجة كبيرة فمعظم الحالات المرضية التي تصاحب التخلف العقلي تكون نتيجة عوامل وراثية أو تكوينية ينتج عنها قصور في وظائف المخ أو التمثيل الغذائي التي تؤثر على المستوى الوظيفي للذكاء بدرجة واضحة فتؤدي إلى تصنيف صاحبها في فئة التخلف العقلي الشديد. (في: السرطاوي؛ 1992)
كما أن المتخلفين عقلياً يعانون من معوقات جسمية أكثر من العاديين حيث تبين انتشار التشوهات الخلقية وقصور السمع والبصر وضمور العضلات وتيبسها بين المتخلفين عقلياً أكثر من انتشارها بين العاديين، ومن أهم المعوقات الجسمية التي تنتشر بين المتخلفين عقلياً الصرع وصعوبات البصر والسمع والحركة والشلل الدماغي. (في: جرس؛ 1996)

ثانيا: الخصائص السلوكية والعقلية للمتخلفين عقليا:
وعند الحديث عن الخصائص السلوكية والعقلية للمتخلفين عقليا لا بد من الإشارة إلى أنها بنيت على نتائج الدراسات المقارنة بين الأطفال العاديين والمتخلفين عقليا المتماثلين في العمر الزمني إلا أنه يصعب تعميم هذه الخصائص على كل الأطفال المعاقين عقلياً إذ قد تنطبق هذه الخصائص على طفل ما بينما قد لا تنطبق على طفل آخر بنفس الدرجة ومن أهم تلك الخصائص.
1.
التعلم: من أكثر الخصائص وضوحاً لدى الأطفال المعاقين عقلياً النقص الواضح في القدرة على التعلم مقارنة مع الأطفال العاديين المتناظرين في العمر الزمني، كما تشير الدراسات في هذا الصدد إلى النقص الواضح في قدرة هؤلاء الأطفال المعوقين عقلياً على التعلم من تلقاء أنفسهم مقارنة مع الأطفال العاديين.
2.
الانتباه: يواجه الأطفال المعاقون عقلياً مشكلات واضحة في القدرة على الانتباه والتركيز على المهارات التعليمية إذ تتناسب تلك المشكلات طردياً كلما نقصت درجة الإعاقة العقلية وعلى ذلك يظهر الأطفال المعاقون إعاقة عقلية بسيطة مشكلات أقل من القدرة على الانتباه والتركيز مقارنة مع ذوي الإعاقة العقلية المتوسط والشديدة.
3.
التذكر: ترتبط درجة التذكر بدرجة الإعاقة العقلية إذ تزداد درجة التذكر كلما زادت القدرة العقلية والعكس صحيح وتعتبر مشكلات التذكر من المشكلات التعليمية الحادة لدى الأطفال المعاقين عقلياً سواء كان ذلك متعلق بالأسماء أو الأشكال أو الوحدات وخاصة التذكر القصير المدى.
4.
انتقال أثر التعلم: يعاني الأطفال المعاقون عقلياً من نقص واضح في نقل أثر التعلم من موقف إلى آخر ويعتمد الأمر على درجة الإعاقة العقلية إذ تعتبر خاصية صعوبة نقل آثار التعلم من الخصائص المميزة للطفل المعوق عقلياً مقارنة مع الطفل العادي الذي يناظره في العمر الزمني ويبدو السبب في ذلك مثل المعوق عقلياً في التعرف على أوجه الشبه والاختلاف بين الموقف المتعلم السابق والموقف الجديد. (في: الروسان؛1998)

ثالثا: الخصائص الانفعالية الاجتماعية للمتخلفين عقليا:
يواجه الأطفال المتخلفين عقلياً جمله من المشكلات الانفعالية والاجتماعية مثل انخفاض مفهوم الذات والفشل في بناء العلاقات الاجتماعية وإظهار المظاهر السلوكية والاجتماعية غير التكيفية، وعلى الرغم من أن ذلك يرتبط بانخفاض مستوى الأداء العقلي العام لدى الأطفال المتخلفين عقلياً فإن هؤلاء الأطفال المتخلفين غالباً ما يمرون بخبرات فشل عديدة ومتكررة مما يؤدي إلى خفض مستوى الدافعية والمبادرة لديهم. (في: الخطيب؛ 1993)
ويشير فهمي (1992) أن المتخلف عقلياً يتصف ببعض الصفات الانفعالية والاجتماعية والتي قد انعكست من خلال قدراته العقلية، فقد لوحظ إن الطفل المتخلف عقلياً يميل إلى الانسحاب والتردد في السلوك التكراري وكذلك في الحركة الزائدة، وفي عدم قدرته على ضبط الانفعالات، وعدم القدرة على إنشاء علاقات اجتماعية فعالة مع الغير، وغالباً ما يميل نحو المشاركة مع الأصغر سنا في نشاطه، وقد يميل إلى العدوان وعدم تقدير ألذات، وكذلك العزلة والانطواء، وتكرار الإجابة رغم تغير السؤال، وقد أشار روث يستن إلى أن الطفل المتخلف عقلياً قد يكون هادئا لا يتأثر بسرعة، حسن التصرف والسلوك راضيا بحياته كما هي، قانعا بإمكانياته المحدودة، ويستجيب إذا عاملناه كالطفل الصغير وبغضب إذا أهمل ولكن لا يستمر في غضبة فترة طويلة.

أسباب التخلف العقلي:
أن معظم أسباب التخلف العقلي غير معروفة حتى الآن إذ تشير المراجع في هذا المجال إلى اكتشاف 25% من أسباب التخلف العقلي وإن 75% من هذه الأسباب هي غير معروفة. (في: الروسان؛ 1999)
وتصنف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي الأسباب إلى تسع مجموعات من الأسباب على النحو التالي:
1. الالتهاب والتسمم.
2. اضطرابات كرموسومية وهي أشكال متعددة أكثرها شيوعاً ما يعرف بمتلازمة داون.
3. أمراض الدماغ.
4. الصدمات والإصابات الجسمية.
5. عوامل غير محددة قبل الولادة واضطرابات الحمل المختلفة.
6. اضطرابات التمثيل الغذائي.
7. الإصابات الحسية.
8. الاضطرابات النفسية في الطفولة.
9. عوامل بيئية ثقافية مختلفة.(في: القريوتي؛ 1998)

 

pop_logo
help_logo
hawai
pop_logo